حقيقة صندوق التنمية اللذي تم انشاؤه وربطه برئاسة الجمهورية
صندوق التنمية
في الآونة الأخيرة، أُعلن عن تأسيس ما يُعرف بـ "صندوق التنمية"، كمبادرة تهدف إلى جمع الموارد المالية وتوظيفها في مشاريع تنموية داخل الأراضي السورية الخارجة عن السيطرة المركزية. هذا الإعلان جاء وسط أزمات معيشية واقتصادية خانقة يعيشها السكان، ما جعل الصندوق يبدو لأول وهلة كأمل جديد لتحريك الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص العمل، وتحسين الخدمات الأساسية. لكن خلف هذا الخطاب التنموي، تلوح أسئلة جوهرية تتعلق بطبيعة هذا الصندوق، ومصادر تمويله، والجهة التي تديره، والأهم من ذلك: ما حدود سلطته في التعامل مع الأرض والموارد العامة؟
لا توجد حتى الآن تفاصيل واضحة حول البنية القانونية أو الإدارية للصندوق، ولا عن الجهة الرقابية التي تضمن شفافيته. وهذا يفتح المجال لقلق مشروع من إمكانية تحوّله إلى كيان اقتصادي غير خاضع للمحاسبة، يُدار بطريقة مغلقة، ويُستخدم لأغراض تتجاوز مجرد التنمية، كفرض النفوذ أو توزيع الامتيازات المالية وفق الولاء أو العلاقات الشخصية. مثل هذا الغموض يضرب في عمق الثقة العامة، خصوصًا في بيئة فقدت ثقتها بأي مشروع لا يُبنى على مؤسسات فعلية وآليات محاسبة نزيهة.
التحذير الأكبر يرتبط بإمكانية استخدام هذا الصندوق كواجهة لتمرير صفقات تتعلق بالأراضي والملكية العامة. في غياب قوانين محلية ملزمة وموثوقة، يمكن للصندوق أن يمنح تراخيص استثمارية طويلة الأمد، أو يبرم اتفاقات مع جهات خارجية، تُفضي فعليًا إلى تملّك أراضٍ سورية أو استغلالها اقتصاديًا لمدد قد تصل إلى عقود. هذا لا يختلف من حيث النتيجة عن بيع الأرض، حتى لو لم يُسمّ كذلك. إذ أن تأجير الموارد الوطنية لفترات طويلة دون تفويض شعبي أو قانوني، يعني عمليًا التفريط بها.
في ظل هذا الواقع، يصبح السؤال الأخطر: من يملك القرار؟ ومن يضمن أن لا تتحوّل فكرة التنمية إلى وسيلة لتجريد السكان من حقوقهم في أرضهم ومواردهم؟ إن تأسيس أي مشروع تنموي لا يمكن أن يُفصل عن مبدأ السيادة، ولا عن ضرورة إشراك الناس في اتخاذ القرار، خاصة عندما يتعلق الأمر بثروات لا تخص فردًا أو جهة، بل أجيالًا كاملة. التنمية الحقيقية لا تبدأ من الصناديق، بل من بناء الثقة، والشفافية، والعدالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد