فتاتين في ولاية صقاريا التركية يشاهدن فلم غير اخلاقي في مسجد
أزمة القيم في التعليم بين الانحراف الفردي والخلل البنيوي
أثارت واقعة قيام طالبات في احد المساجد في تركيا بمشاهدة فيلم ذي محتوى غير لائق داخل مصلّى في سكن طلابي بجامعة في سكاريا، ومن ثم قامت الفتيات بمشاركة ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث كتبن نتناول البتزا الان مع مشاهدة الفلم ولكن للاسف لايوجد كولا اذا يستطيع احد ايصال الكولا لنا
اثارت الحادثه موجةً من الغضب والاستنكار في الأوساط العامة. الردّ الساخر للطالبات على الانتقادات بعد نشر المحتوى ("لن أعتذر، وسأكمل مشاهدة الفيلم هذا المساء") زاد من تعميق الشعور بالإحباط والقلق لدى شريحة واسعة من المجتمع، حيث رأى كثيرون في الحادثة انعكاسًا خطيرًا لانحدار القيم لدى بعض الشباب
لكن هل هذه الواقعة مجرّد تصرف فردي؟ أم أنها مؤشر على خلل أعمق في البنية التعليمية والثقافية التي تُشكل وعي الأجيال؟
بين الفرد والمسؤولية الجماعية
في ظاهر الأمر، قد يبدو الفعل تصرفًا فرديًا منحرفًا أخلاقيًا، إلا أن التبرير الساخر وعدم الإحساس بالخطأ يشيران إلى مشكلة أعمق: غياب المرجعية القيمية لدى بعض الشباب. إن تكرار مثل هذه الحالات يجعل من الضروري التساؤل عن البيئة التي نشأ فيها هذا الجيل، وعن مدى فاعلية المؤسسات التربوية في غرس الأخلاق، والوعي الديني، والمسؤولية الاجتماعية.
منظومة التعليم الكمالية: هل تتحمل المسؤولية؟
توجّهت بعض الأصوات لاتهام النظام التعليمي الكمالي – وهو النظام العلماني الذي تأسس في تركيا الحديثة بعد الجمهورية – بتحمل المسؤولية، باعتبار أن هذا النظام، بحسب رأيهم، همّش القيم الدينية والأخلاقية، وركّز على الحداثة الشكلية والانضباط الإداري أكثر من تركيزه على بناء الإنسان روحيًا وأخلاقيًا.
لا يمكن إنكار أن التعليم الذي يُقصي الدين من مناهجه، أو يتعامل معه كجزء ثانوي، قد يفشل في تأهيل الإنسان ليكون مسؤولًا أخلاقيًا ومجتمعيًا. ولكن في الوقت ذاته، من الظلم اختزال كل مشاكل الشباب في النظام الكمالي فقط، خاصة في ظل وجود مدارس دينية وإسلامية ومؤسسات تربوية محافظة تعمل منذ عقود، وبعض خريجيها تورطوا هم أيضًا في سلوكيات مشابهة.
المساجد والمقدسات: مسؤولية الجميع
عندما تتحول المساجد – وهي أماكن تعبّر عن الروحانية والانضباط – إلى ساحة لانتهاك القيم، فإن القضية لا تعود محصورة في الفعل نفسه، بل تشمل التهاون العام في التعامل مع المقدسات. نحن بحاجة إلى إعادة ترسيخ حرمة الأماكن الدينية لدى الأجيال، وهذا لا يتحقق فقط عبر الوعظ، بل من خلال التربية المستمرة، والملاحقة الجادة للسلوكيات غير المنضبطة، ومحاسبة من يستهين بحرمة المجتمع ودينه.
الحادثة يجب ألا تكون مجرد "تريند" ينتهي بعد أيام. إنها جرس إنذار. إصلاح منظومة القيم يبدأ من إصلاح التعليم، وبناء توازن بين المعرفة العلمية والتربية الأخلاقية، وبين الحرية الشخصية والمسؤولية الاجتماعية. الأمر لا يتعلق فقط بالنظام الكمالي أو الديني، بل بمنهج حياة يجب أن يتكامل فيه العقل مع الضمير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد