سبب تأييد الولايات المتحدة والغرب يرجع إلى معتقدات دينية فاسدة، وفى هذا الموضوع تبيان أكثر تفصيلا عن هذا الموضوع من بعض المتخصصين فى هذا المجال،
"الدين" --- السر المقدس وراء دعم واشنطن لتل أبيب.. رؤساء أمريكا (المتصهينون) يعتقدون أنهم يساعدون الله بإقامة دولة يهودية بفلسطين للتعجيل بنهاية الزمان.
تقف المصالحُ السياسيةُ والاقتصاديةُ وراء العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، لكن العوامل الاقتصادية والمصالح الجيوسياسية وأهداف الهيمنة ليست وحدها وراء العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، وإنما هناك ثمة عوامل إيديولوجية وعقائدية، وظفت فيها نصوصا «مجتزأة» من الكتاب المقدس، ووقفت وراء هذا التوظيف كنائس بروتستانتيةٌ أصوليةٌ تأثرت باليهودية، وعرفت فى الأدبيات العالمية باسم «المسيحية الصهيونية»، موضحين كيفية استغلال المسيحية فى تأييد الخرافات الصهيونية عن أرض الميعاد والحق فى فلسطين، اعتمادًا على أسطورة «هرمجدون»، التى وردت فى الكتاب المقدس، التى تقول بأنه ستقع معركة فى فلسطين وهى الإشارة الكبرى على نهاية الزمان، ولذا يلزم تجميع يهود العالم فى منطقة واحدة، يعتقد أنها «أرض المعياد» لخطوة ضرورية قبل «تنصيرهم» لعودة المسيح وإنشاء مملكته التى تستمر لألف عام، على حد اعتقاهم.
احتلال فلسطين تصديقا للتوراة
يعرف الباحث الدكتور يوسف الحسن «المسيحية الصهيوينة» فى كتابه «البعد الدينى فى السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربى - الإسرائيلى» بأنها «مجموعة المعتقدات الصهيونية المنتشرة بين قيادات وأتباع كنائس بروتستانتية، تهدف إلى تأييد قيام دولة يهودية فى فلسطين بوصفها حقاً تاريخياً ودينياً لليهود، ودعمها باعتبار أن عودة اليهود إلى الأرض الموعودة - فلسطين - هى برهان على صدق التوراة، وعلى اكتمال الزمان وعودة المسيح ثانية، وحجر الزاوية فى الدعم الشديد لهؤلاء المسيحيين لإسرائيل هو الصلة بين «دولة إسرائيل» المعاصرة وإسرائيل التوراة، لذلك أُطلق على هذه الاتجاهات الصهيونية فى الحركة الأصولية اسم الصهيونية المسيحية».
وبشأن المصطلح الذى يجمع بين الديانة المتسامحة «المسيحية» والإيدويوجيا العنصرية «الصهيونية»، يقول الأب ديفيد نويهاوس اليسوعى فى ندوة عقدت فى كنيسة السريان الأرثوذكس فى العاصمة الأردنية عمان شهر مايو الماضى 2015، «المصطلح حديث نسبيًا، لكنه يشير إلى نوع من الفكر المسيحى الذى هو أقدم من الصهيونية، ويمكن أن يوجد خاصة فى عدة كنائس غير تقليدية، بالتحديد فى المناطق الأنجلوسكسونية «أمريكا وبريطانيا» والعالم الأوروبى الشمالى «هولندا والدول الإسكندنافية»، وانتشرت فى القرن التاسع عشر، وبينما تطورت الصهيونية بشكلها العام كأيديولوجية سياسية اجتماعية فى الأساس، فإن المسيحية الصهيونية هى أيديولوجية دينية بحتة».
ويوضح المفكر العراقى فاضل الربيعى، فى حوار سابق له، أن الأمة الأمريكية، هى مجموعة مهاجرين من الأوروبيين والأفارقة والآسيويين، ولا تجمعهم لغة واحدة، ولكن تم تشكيل الأمة، ليتوحد الوجدان اللغوى فى لغة واحدة، والعامل الثانى، هو إنشاء سردية تاريخية تربط هذه الأقوام، التى اعتمدت على قصص التوراة، وبالتالى أصبحت إسرائيل جزءًا من الوجدان الأمريكى، وهو ما يفسر لنا حماسة الأمريكيين لإسرائيل.
رؤساء أمريكا.. جنود إسرائيل
تتعدد أسماء ومصطلحات «المسيحية الصهيونية»، منها: الأُصولية اليمينية، والإنجيلية المتشددة، ويتبعها كنائس وفرق عديدة داخل الولايات المتحدة وخارجها، أبرزها شهود يهوا، والطائفة البيوريتانية، والحركة المونتانية، ومؤتمر القيادة المسيحية الوطنية من أجل إسرائيل، وفرقة المجيئيين، والسبتيون، والخمسينية، ومؤسسة جبل المعبد، والميثوديست، جماعة ميجا، فرسان الهيكل «المعبد»، واللوبى اليهودى الصهيونى، والمائدة المستديرة الدينية، والرابطة الأممية لمكافحة العنصرية، والائتلاف الأمريكى للقيم الأخلاقية، والحركة المونتانية التى ترجع إلى الكاهن مونتانوس الذى أعلن عن معمدونيته، مدعيًا أنه صوت الروح القدس، وتنبأ برجوع المسيح إلى الأرض خلال وقت قريب.
وتتعد أيضا الشخصيات العامة الدينية والسياسية الداعمة أو المتبنية للرؤية المسيحية الصهيونية، فى مقدمتهم القس جون مكدونالد، الذى طالما ردد «يا سفراء أمريكا انهضوا، واستعدوا لإسماع بشرى السعادة والخلاص لأبناء شعب منقذكم، الذين يعانون من الظلم، أرسلوا أبناءهم واستخدموا أموالهم فى سبيل تحقيق الرسالة الإلهية»، قاصدًا نبوءة النبى يشعياهو، بعودة اليهود!
وتؤمن الشخصيات السياسية الصهيونية فى الولايات المتحدة، أنها تساعد الله فى مخططاته التوراتية الإنجيلية المقررة سلفاً لنهاية العالم!، كما ينتمى أغلبهم إلى «الطائفة التدبيرية»، التى ترى أن كل شىء من تدبير الله ومقدر سلفًا، وما على الإنسان إلا السعى لتنفيذ هذا المقدور، وأشهر قساوستها جيرى فولويل، وجيمى سواجارت، والقس الشهر بات روبرتسون، وجيمبيكر، وأورال روبرتس، كنيت كوبلاند، وريكس همبرد.
ويعتقد السياسيون الأمريكيون المتصهينون أن المسيح يأخذ بأيدهم، وأنهم يقودون معركة هرمجدون، التى ستقع فى منطقة الشرق الأوسط!! ويصرح كثيرون منهم بالسبب الدينى لدعم إسرائيل، الأمر الذى سبق أن ردده مثلا الرئيس الأمريكى ليندون جونسون «1963 - 1969»، قائلًا أمام جمعية «أبناء العهد»: «إننى مستعد للدفاع عن إسرائيل تماماً كما يدافع جنودنا عن فيتنام. وإن بعضكم، إن لم يكن كلكم، لديكم روابط عميقة بأرض إسرائيل مثلى تمامًا، لأن إيمانى المسيحى ينبع منكم، وقصص التوراة منقوشة فى ذاكرتى، تماماً مثل قصص الكفاح البطولى ليهود العصر الحديث، من أجل الخلاص من القهر والاضطهاد».
ويرى كثير من الباحثين أن عددًا من رؤساء الولايات المتحدة ينتمون عقائديًا وإيديولوجيًا إلى المسيحية الصهيونية، من بينهم: وودرو ويلسون «1913 - 1921»، وهارى ترومان «1945 - 1953» صاحب جريمة القنبلة النووية، ودوايت أيزنهاور «1953 - 1961»، وليندون جونسون «1963 - 1969»، وريتشارد نيكسون «1969 - 1974»، جيمى كارتر «1977 - 1981»، رونالد ريجان «1981 - 1988»، وعائلة بوش الأب والابن، وكذلك وزير الخارجية الأمريكى الأسبق جون كيرى، اليهودى الأصل، الذى كان يعد المكافح الأول عن أمن إسرائيل خلال العشرين عام التى قضاها فى مجلس الشيوخ الأمريكى، وأكد مرارًا أنه لن يتنازل عن حق إسرائيل فى العيش الآمن، وكتبت عنه جريدة جيروزلم بوست الصهيونية، أنه يظهر دعمًا مطلقًا لليهود.
دعم إسرائيل ليس اختيارًا
يعمل «المسيحيون الصهاينة» على تثبيت شرعية الكيان الإسرائيلى على أساس أنه تحقيق للنبوءات التوراتية، ودعم إعادة بناء الهيكل، والتعجيل بعودة المسيح!!
وتتفق الصهيونية مع اليمين الأمريكى فى عدد من الأهداف، منها: «أن كل مسيحى يجب أن يؤمن بالعودة الثانية للمسيح، وأن قيام إسرائيل واحتلال القدس هما إشارتان إلهيتان بقرب العودة الثانية للمسيح، وبناءً على ذلك، فإن جميع أشكال الدعم لإسرائيل ليس أمرًا اختيارًا، وإنما قضاء إلهى لأنه يؤيد ويُسرع قدوم المسيح، وبالتالى فإن كل من يقف ضد إسرائيل يعتبر عدوًا للمسيحية وعدوا لله بالذات».
يقول عبدالوهاب المسيرى فى «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أن أوروبا شهدت فى القرن التاسع عشر بعثًا تبشيريًا متمثلاً بالحركة الإنجيلية البروتستانتية الأصولية تنادى بأن اليهود هم «مفتاح الخطة الإلهية للعودة الثانية للمسيح المنقذ»، وكانت قناعات إقامة دولة لليهود فى فلسطين نتيجة أُطروحات تلمودية فرضت نفسها على المسيحية الغربية حول «شعب الله المختار، وحقه فى أرض الميعاد، وتحقيق النبوءة التوراتية بتجميع اليهود فى دولة إسرائيل بفلسطين - إذاً فهى أيضاً - حركة الاسترجاع المسيحى»، على النحو ».
ومع وصول جيمى كارتر إلى رئاسة البيت الأبيض يناير 1977، أعلن ولادته كمسيحى من جديد، وصرح بموقفه الدينى الداعم لوجود إسرائيل.
وتزامن مع صعود اليمين المسيحى، تولى مناحم بيجن رئاسة وزراء الكيان الصهيونى 1977، وعقد تحالفات مع قيادات الأصولية المسيحية بأمريكا، ونمو مضطرد فى التطرف «اليهودى» وممارسة العنف الصهيونى المستند لنصوص توراتية، الأمر الذى ساهم كثيرًا فى زيادة أتباع المذاهب الصهيونية.
وتعتمد «المسيحية الصهيونية» حسبما يؤكد الأب ديفيد نويهاوس على ثلاث دعائم عقائدية، أولها تعتمد على الكتاب المقدس وتفسيراته الحرفية، ثانيًا: دعم فكرة أننا على حافة نهاية الزمان وأن عودة المسيح أوشكت، ثالثًا: ترتكز فى قلب نهاية الزمان على الشعب اليهودى ودولة إسرائيل؛ لأن الوعود المقدمة إلى الكنيسة فى نهاية الزمان والمتعلقة بالاعتراف الشامل بالمسيح كإله ومخلص، يجب أن يسبقه الإيفاء بوعود العهد القديم لإسرائيل ، وتتضمن هذه الوعود عودة اليهود إلى وطنهم وتأسيس دولة يهودية وبناء الهيكل الثالث، وهذا كله يدعو إلى نشوب حرب نهاية الزمان التى يجب إن تسبق عودة المسيح الثانية، على حد معتقداتهم!
كنائس المشرق تتبرأ من «الصهيونية المسيحية»
تتخذ الكنائس الشرقية موقفًا صارمًا تجاه المسيحية الصهيونية، بوصفها «سوء استعمال للكتاب المقدس وتلاعبا بمشاعر المسيحيين .
وبالنسبة لموقف الكنيسة الإنجلية المصرية، فيذكر القس إكرام لمعى، صراحة، فى كتابه «الاختراق الصهيونى للمسيحية»، أن المسيحية الصهيونية «حركة نشأت فى أمريكا، الغرض منها تعضيد دولة إسرائيل، وقد أخذت هذه الدعوة طابعا دينيا؛ لأنها تدعى أن عودة اليهود إلى فلسطين هو تحقيق للنبوءات وإعداد لمجىء المسيح ثانية إلى العالم، وانتشرت فى داخل وسائل الإ علام وبعض الكنائس، وتبّنتها هيئات متعددة، منها هيئة سفراء المسيح».».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق