قصة العقيدة الدرزية من الجذور إلى الضلال
حمزة بن علي الفارسي
الرجل الذي بدأ خياطًا بسيطًا في بلاد فارس، ثم زعم النبوة، في مصر ودعا إلى دين جديد، وأسّس عقيدة مغلقة لا تزال تعيش على أطراف الإسلام حتى اليوم ..
لم تكن نشأة المذهب الدرزي حدثًا عابرًا في تاريخ الفرق والطوائف بل كانت واحدة من أخطر الانقلابات الفكرية والدينية التي عرفها تاريخ الإسلام والسبب في ذلك ليس فقط الأفكار الغريبة التي طرحها هذا المذهب، بل الشخصيتان المحوريتان اللتان اجتمعتا لصناعته:
- الحاكم بأمر الله الفاطمي، الخليفة المستبد الذي مزّق الناس بين الرعب والغموض،
- حمزة بن علي بن أحمد الفارسي، الرجل الذي ادّعى الرسالة، ودعا إلى عبادة الحاكم، فأسّس بذلك لعقيدة مغلقة، باطنية، لا تزال تعيش في الظل
الحاكم بأمر الله التمهيد السياسي للفتنة الدينية
وُلد الحاكم سنة 375 هـ، وتولى الحكم صغيرًا سنة 386 هـ بعد وفاة أبيه العزيز بالله الفاطمي، وكان لم يتجاوز الحادية عشرة.
نشأ في قصرٍ ملئ بالتقلبات السياسية، بين وصاية برجوان الصقلي ونفوذ الكتامة، ثم ما لبث أن تخلّص من وصاتهما واحدًا بعد الآخر، فقتل برجوان ثم أطاح بابن عمّار، ليبدأ حكمًا فرديًا مطلقًا، عُرف بالشدة والتلون والتطرف.
مارس الحاكم سياسات متناقضة لا يكاد التاريخ الإسلامي يعرف لها مثيلًا:
أمر بقتل العلماء ثم وبناء المساجد، وقرّب الفسقة ثم أنشأ المجالس الليلية للذكر، وفرض اللباس على الناس، ونشر الفساد ومنع النساء من مغادرة البيوت، وأمر الناس أن يسجدوا له عند ذكر اسمه في المساجد، او الطرقات وفرض هذا حتى على أهل الحرمين أيضًا.
وكان يتنقل من ظلم إلى غرابة، حتى حكى المؤرخون أنه كان يتجول في الأسواق على حمار، يعاقب المخالفين بالفضيحة أو القتل، أو بما هو أشنع من ذلك. ثم أمر بقتل الكلاب، ومنع الناس من بيع العنب والعسل خشية أن يُصنع منها نبيذ. وأمر الناس أن يتركوا بيوتهم مفتوحة، بدعوى أن السرقة لا تقع في أيامه، فلما سُرقت المحال، نصب تمثالًا يتكلم ليُقنع الناس أن علمه مطلق!
بهذا الجو السياسي المريض، كان الناس في القاهرة يبحثون عن توازن.
وهكذا كان المناخ مهيّأ لظهور رجل مثل حمزة بن علي
حمزة بن علي من الظل إلى الزندقة
دخل حمزة القاهرة من بلاد فارس، لا يُعرف له نسب ولا علم، وكان يعمل في حياكة الأقمشة، وتعلم العربية، وسرعان ما انضم إلى الدعوة الشيعية الإسماعيلية الباطنية، لكنه تجاوز الدور الإسماعيلي التقليدي فأعلن ما لم يسبق إليه أحد عام 408 هـ :
أن الحاكم بالله هو الله المتجسد، وأنه هو نفسه رسول الله الآتي بعد محمد، بل ودعا الناس إلى اتباع “الدين الجديد”، الذي أُسقطت فيه جميع التكاليف، وحلّت مكانها سبع وصايا روحية.
الغريب ان الحاكم لم يتردد في قبول هذه الدعوى، بل فرح بها، وأضفى عليها صفة القداسة وجعل لحمزة مقامًا روحيًا، وعيّنه على رأس الدعوة، وجعل له الحرية في إرسال الكتب وفرض التأويلات الجديدة.
ومنحه سلطة واسعة في إدارة العقيدة الجديدة، التي باتت تعرف فيما بعد بـ”دعوة التوحيد”، وهي التسمية التي يفضلها الدروز لعقيدتهم السرية والتي هي في حقيقتها دعوة التأليه .
واصبح بذلك حمزة يحتل موقعًا قدسيًا في المذهب، يُشار إليه بصفات مثل:
•العقل الكلي
•السابق الحقيقي
•الآمر
•الآية الكبرى
•الإمام المعصوم الأول
•قائم الزمان
البدع اللتي نادى بها
أسقط حمزة أركان الإسلام جميعًا، وادعى أنها كانت مرحلة مؤقتة.
ثم صنّف الناس إلى “عقال” و”جهّال”.
العقال هم الخاصة الذين يحق لهم الاطلاع على كتب الحكمة، بشرط الطهارة السلوكية، والتقشف، والزهد في الدنيا.
أما الجهال، فهم العامة، يُمنعون من معرفة العقيدة، ولا يُدرّسون شيئًا من الدين إلا بعد سلوك طويل.
قال حمزة في رسائله، التي بقي معظمها مخطوطًا، إن عدد الأرواح ثابت، وإن النفوس تنتقل بالتقمص، وإن سلمان الفارسي هو المتلقي الحقيقي للوحي ، وإن القرآن وُضع على لسان محمد رمزًا، لكنه نزل أصلًا على سلمان وأن الشريعة قد نُسخت، وإن الصلاة والزكاة والصوم والحج لم تعد مطلوبة، وإن المطلوب هو صدق اللسان، وترك جميع الأديان، والتسليم المطلق للحاكم، والرضا بأفعاله في كل حال.
وأن كتبه هي “كتب الحكمة”، لا يطلع عليها إلا من بلغ الطهارة الروحية من أتباعه، وهم العقال
ومن تعاليمه أن الحاكم بالله لم يُقتل، او يموت بل غاب، وأنه سيعود في آخر الزمان
تسمية الدعوة الدرزية
بعد ان وقعت الصدمة الكبرى لحمزة وقُتل الحاكم سنة 411 هـ، وتولي ابنه الظاهر، تبرأ الأخير من دعوة التأليه، وبدأ بمطاردة حمزة وأتباعه.
فهرب حمزة إلى الشام، إلى مايسمى الان بجبل الدروز وهناك بدأ يدير دعوته من الظل،
وفي ذلك الوقت، ظهر محمد بن إسماعيل الدرزي، رجل باطني آخر كان على خلاف مع حمزة، فادعى أنه هو “الباب” إلى الحاكم، لكنه تمرد على حمزة، فاتهمه حمزة بالخيانة في رسائله ومع ذلك، وبسبب ملاحقة الدولة لأتباع حمزة ودعوته تقمصوا اتباعه اسم “الدرزي” تقية، فغلب الاسم على الطائفة، رغم أن المرجعية الفكرية والعقائدية بقيت لحمزة.
اختفى حمزة سنة 429 هـ ولم يعرف له قبر، ولم يُرَ له أثر، فادّعى أتباعه أنه لم يمت، بل دخل الغيبة، وسيرجع مع الحاكم في آخر الزمان، بعد ظهور يأجوج ومأجوج ليحمل السيف، ويهدم الكعبة، ويقتل إبليس، ويقيم مملكة روحية للدروز إلى الأبد
منذ ذلك الحين، تشكلت الطائفة الدرزية، كفرقة مغلقة، لا تتكاثر بالتبشير، بل بالتوارث، ولا تفتح أسرارها إلا لمن يلتزم بالتحول الكامل إلى طريقها، وفي قلب هذه العقيدة، يبقى كما يعتقدون حمزة هو الآمر، والرسول، والعقل الكلي، والنبي المتكلم باسم الإله
من هذا الرجل بدأت فرقة الدروز
التي جمع فيها كل ما يُخالف الإسلام: ادعاء النبوة، تأليه البشر، إنكار الشريعة، الباطنية، التناسخ، واحتقار سائر الأديان.
— أجمع علماء الإسلام على كفرها، وأن أتباعها ليسوا من أهل القبلة.
قال ابن تيمية:
" إن الدروز والنصيرية أكفر من اليهود والنصارى"
وقال الغزالي :
"إنهم أعداء الدين الذين يجب الحذر منهم، "
وقال ابن باز في فتواه الشهيرة :
“الدرزية ليست من الإسلام، وهم مرتدون عن الدين، لا يجوز أكل ذبائحهم ولا تزويجهم”
وقد بيّن جميع علماء السلف أن ما قام به حمزة ليس اجتهادًا، بل انقلاب على الدين، واعتداء على التوحيد، وافتراء على النبوة، وتحريف لجوهر الرسالة والإسلام فمن ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كفر، ومن زعم أن الله تجلى في بشر، فقد ضل، ومن أسقط الشريعة فقد خرج عن الملة، وهذه الثلاث كلها جمعها حمزة في دعوته والعياذ بالله .
— حمزة بن علي لم يكن عالمًا، ولا مصلحًا، ولا وليًا، بل كان رأسًا في الضلال، وتلبّس بلباس الدين ليهدمه من داخله، فبقي اسمه محفورًا في تاريخ الفرق الضالة، وبصفته أخطر من تجرأ على قلب التوحيد إلى تأليه، وعلى تحويل الإسلام إلى سلسلة رموز باطنية مغلقة لا يعرفها إلا الخاصة، ولا تمت إلى الوحي بصلة و لا يشبه الإسلام إلا في الألفاظ. واختفاؤه لم يكن هروبًا فقط، بل صار عند أتباعه غَيبةً مقدسة، ينتظرون فيها رجوعه ليكمل مشروعه.
وهكذا وُلدت الطائفة الدرزية، على أنقاض التوحيد، وتحت راية الكتمان، وفي جوف فكرة مهزوزة قامت على تأليه الجلاد، وتقديس الباطن، واحتقار ظاهر الدين
المراجع
4.محمد فريد وجدي، دائرة المعارف القاموسية.
5.دائرة المعارف الإسلامية، مادة “الدروز”.
6.بطرس البستاني، دائرة المعارف، ج7، ط1883.
عشت زينو البطل تتكلم بالحق ولا تخاف
ردحذفالشمس لا تغطى بغربال والفرق الباطنية تحقد على الجميع ورأينا ماذا فعل النصيرية بسوريا وبالمسلمين والدمار الذي اقترفوه ولكن الحمد لله أصبح لدينا صحوة شاملة بعد ما فعلوه بمدننا وقرانا لن تنطفئ الى يوم القيامة بإذن الله