تمشي وحيداً وتموت وحيداً وتبعث يوم القيامة وحيداً
(نشأته رضي الله عنه وارضاه)
أما اسمه فهو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة أما أمه فهي رملة بنت الوقيعة الغفارية، وهو أخو عمرو بن عبسة السُلمي لأمه
(قصة إسلامه، فقد جاءت على روايتين)
الأولى أنه بلغه مبعث النبي عليه الصلاة والسلام، فقال لأخيه أنيس: «اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني»
فانطلق أنيس وسمع قوله، ثم رجع إلى أبي ذر، فقال له: «رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ويقول كلامًا ما هو بالشعر»، فقال أبي ذر: «ما شفيتني مما أردت» فتزوّد أبو ذر وقدم مكة والتمس خبر النبي عليه السلام وهو لا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل فاضطجع فرآه علي فعرف أنه غريب
فلما رآه تبعه واستضافه ثلاثة أيام ثم سأله عن سبب قدومه، قال أبو ذر«إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا أن ترشدني، فعلت» ففعل علي فأخبره، فقال «إنه حقّ وإنه رسول الله فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئًا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي
(وانطلق يلحق به حتى دخل على الرسول عليه الصلاة والسلام)
وسمع من قوله فأسلم لوقته ثم أمره النبي قائلاً: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري»، فقال أبو ذر والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم» فخرج حتى أتاهم فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه وأتى العباس فأكب عليه وقال: «ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غفار وأنه من طريق تجارتكم إلى الشام فأنقذه منهم"
انطلق بعدها أبو ذر إلى قومه امتثالاً لأمر النبي عليه الصلاة والسلام بدعوتهم إلى الإسلام وقد لبّى نصف قومه دعوته إلى الإسلام وأقام فيهم يقيم معهم شعائر الإسلام يؤمهم كبيرهم إيماء بن رحضة الغفاري، وبقي النصف الآخر على دينه حتى هاجر عليه الصلاة والسلام إلى يثرب فأسلموا وتبعتهم قبيلة أسلم ثم وفدوا على النبي عليه السلام وفيهم أبو ذر الغفاري
فدعا لهم النبي فقال غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله وكان مقدم أبي ذر على النبي في المدينة المنورة بعد غزوتي بدر وأحد ما إن هاجر أبو ذر حتى لازم النبي محمد عليه الصلاة والسلام وشاركه في غزواته حمل أبو ذر راية قبيلته غفار يوم حنين ولما انطلق النفير ليجمع الرجال للمسير إلى قتال الروم في غزوة تبوك
(أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده)
تحسس المسلمون المتخلفين عن الغزوة ويخبرون النبي محمد عليه السلام فيقولون: «يا رسول الله تخلّف فلان» فيقول دعوه إن يكن فيه خير فسيلحقكم وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه
فقال رسول الله «كن أبا ذر»، فلما تأمله القوم قالوا هو والله أبو ذر فقال رسول الله رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده»
بكت زوجة سيدنا ابو ذرالغفارى وهو يحتضر فسألها :
ما يبكيك؟قالت : تموت هنا في الصحراء ، لا ثوب نكفنك فيه ولا احد يصلي عليك فقال لها : ابشري هذا ما بشرني به رسول الله (ص) ذات يوم ، فقد كنت انا وفلان وفلان وفلان وسماهم بالاسم ودخل علينا النبي فقال :سيموت رجل منكم بالصحراء وسيصلي عليه جماعة عظيمة من المؤمنين
وقد مات جميع الصحابة الذين كانوا معي اثناء تلك البشرى النبوية ولم يبق الا انا فانا المقصود من تلك البشرى فقالت : و ماذا افعل الان ؟؟؟ قال وهو يلفظ انفاسه الاخيرة :
ضعيني على قارعة الطريق فأول ركب قادم سيكون هم كبار الصحابة العظام الذين بشر بهم النبي (ص) وانهم سيصلون عليي كما بشرني النبي (ص) وفي الحال مر وفد قادم من العراق من الصحابة الكبار وفي مقدمتهم سيدنا عبد الله بن مسعود وكبار الانصار رضي الله عنهم جميعا فسألوها : ما يبكيك ؟
قالت : هذا زوجي ابي ذر ، لا نجد ثوبا نكفنه فيه . فتسابق الانصار من يكفنه في ثوبه فكفنوه ثم صلوا عليه جميعا ، ودعوا له بالجنة والمغفرة. وتذكر الصحابة يوم غزوة تبوك لما تاخر ابو ذر عندما تعثر بعيره ، وجاء ماشيا يلهث ، يجري تارة ويمشي تارة اخري ، وحيداً في الصحراء المحرقة ، يريد اللحاق بالنبي (ص) بتبوك
تهلل وجه الحبيب محمد لرؤيته
وما ان رآه النبي يومها حتى امتلأ وجهه الشريف بالبشر والسرور وقال "يرحمك الله يا ابا ذر تمشي وحيداً وتموت وحيداً وتبعث يوم القيامة وحيداً ". ومعنى وحيداً أي متميزاً من كثرة خصالة الحميدة وقد تحققت البشرى
رضي الله عن سيدنا ابي ذر الغفاري وأرضاه وصل اللهم على السراج المنير سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد