هذا القرار يعني أمراً واحداً لا نريدكم فلا تعودوا
همٌّ طويل لا يهمّ كثيرين
ليس لي في سورية شيء حتى بيت أهلي هدمه النظام والشبيحة السعداء
في سنوات النزوح والهجرة كنت أحسب أنني أملك وظيفتي في الجامعة على الأقل، صحيح أن النظام فصلني منها، لكنني، لحظة سقوط النظام، سأعود إليها وتُعاد لي سنواتي الوظيفية المسلوبة مني
كتبت رسالة الدكتوراه تحت القصف، في ظروف لا يعرفها أحد غير الله ثم زوجتي
في تركيا كنتُ أعمل عملين معاً، وحين وجدت أنني بدأت أبتعد عن اختصاصي صرت أخصص وقتاً يومياً، على حساب حياتي، لاستعادة روتين القراءة، وصرت أمرّن نفسي على أنماط تفكير أدبي خاص. لكن الأحوال تراجعت في تركيا، ثم جاء الزلزال بآثاره الكثيرة، فقررت الهجرة إلى ألمانيا، وهو أصعب قرار اتخذته، ودفعته عني لسنوات
سقط النظام قبل أن نحصل على الإقامة في ألمانيا، فتجمّدت ملفاتنا منذ ذلك الوقت. وما حاجتي للإقامة؟ فالنظام سقط وسأعود إلى العمل الجامعي وإلى النقاشات الأدبية التي أحب سأكون مع طلاب الدراسات العليا ومع مواهب الكتابة الأدبية.. لقد سقط النظام.
قلت لكل من تواصل معي بعد السقوط من أجل العمل الثقافي إن الثقافة عمل فردي ولا أريد أن تكون عملاً لي وأنا أريد أن أخدم بلدي والثقافة من جامعتي، وهذا حقي، ولا أريد من بلدي الآن سوى وظيفتي التي فصلني منها النظام السابق
لم يكن لدي شكّ في أن العودة سهلة، ما الذي سيمنعها أو يؤخّرها ؟.. لقد سقط النظام
لكن الأشهر مضت من دون أي بادرة من الوزارة بعودة معقولة، فلا سقف زمني معقول ولا وعدٌ بضم سنوات الخدمة ولا اقتراحات من أجل السكن لمن تهدم بيته (كنت أعتقد أنهم سيساعدوننا بالإقامة في المدينة الجامعية ريثما نجد سكناً)، وفي النهاية يأتي هذا القرار المرفق مع المنشور بتحديد شهر لتقديم طلب شخصي للعودة! (أصدرت مثله سائر الجامعات). لماذا الحضور الشخصي؟ وكيف أستطيع العودة في شهر وهذا غير متاح؟ إذا قدّمت على عودة طوعية الآن فلن يُوافَق عليها قبل أشهر، فماذا تقصدون بهذا القرار؟ وكيف أعود وليس لي مكان في هذه البلاد؟ وكيف أعود لتقديم الطلب شخصياً إذا كان الطلب للدراسة غير المحددة المدة ولا يعني العودة؟!
أكنتم تريدون أن نصطف مع النظام ونكون شبيحة كي نبقى في وظيفتنا؟ أم كنتم تتمنون أن نموت مع عوائلنا تحت القصف؟ أم كنتم تريدون أن نلتحق بالخدمة الإلزامية ونقتل أبناء الثورة كي ترضوا علينا؟
هذا القرار يعني أمراً واحداً لا نريدكم فلا تعودوا وظائفكم لغيركم، نريد سلبها منكم، لكننا سنصدر هذا القرار كي نقول للناس إننا أعطيناكم فرصة.
فرصة شهر لعودة مستحيلة من أجل تقديم طلب شخصي لدراسته! حتى إن كانت المدة سنة فهي محاولة لمنع العودة.
لم نتهجّر بإرادتنا، ولا أعرف كيف يمكن شرح هذه القضية السهلة لوزارة التعليم، علّقت للوزير مرتين في حسابه في X، قبل أن يُغلق التعليقات، طالباً منه طريقة للتواصل معه أو مع أحد معاونيه، وأعرف أنه لن يرد، فمن أنا في النهاية؟ لست من شعراء السلطة الجديدة، وأكاديمي مفصول مجهول مهجّر، ومواطن غير مؤثّر على تيك توك أو يوتيوب أو غيرهما.. أعرف أنه لن يرد، لكنني كتبت عنده مثلما أكتب هذا المنشور الذي لن يصل لأحد معنيّ، أكتب لأقول: هذه قدرتي. أكتب لأخاصمكم عند من تؤمنون به، فهو وحده الحق العادل
ومن الظلم أن لا يجد صاحب الحق وسيلة لعرض مظلمته إلا وسائل التواصل، التي لا يَروج فيها الاهتمام بمثل هذه المظالم، لأنها ليست من القضايا التي تملك شخصية التريند.
هل علينا فعلاً أن نكتفي بسقوط الأسد ونقتنع بذلك؟
هل علينا فعلاً أن ننسى أنه كانت لنا حياة ومأوى وعمل؟
نظام الأسد فصلني من الوظيفة، ووزارة التعليم في السلطة الجديدة تسلبني هذه الوظيفة.
نظام الأسد هجّرني والسلطة الحالية ستمنعني من السفر وتطالبني بغرامات كبيرة إذا لم أعد خلال شهر.
لم أكن أرغب في عرض هذه السيرة غير الذاتية (غير ذاتية لأنها تشمل عدداً من الأكاديميين حالهم مثل حالي)، وآثرت السكوت في الأشهر السابقة لانتظار قرار حكيم ومنصف، خصوصاً في الظروف التي تمر بها الدولة، فأنا أريد أن أكون مع بناء البلد وترميم الدولة ولا أريد أن أستغل ظروفها للإثارة ضدها، لكن القرار الزمني العجيب يجبرني على عرض هذه المظلمة، فالزمن المتاح لم يترك لي زمناً للتأخير.
أحمل هذه القرارات وأخاصمكم بها في الدنيا والآخرة، وأضعها أيضاً أمانة ثقيلة في عنق الأصدقاء القريبين من السلطة والأصدقاء الإعلاميين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد