الآثارُ النبويَّة (البردة النبوية)
البُردَةُ: جمعها بُرْدُ. وبُرَدُ، وبُرود. وهي الأكسية التي يلتحف بها، وبخاصة ما كان منها مربعاً فيه صغر تلبسه الأعراب. وتعرف أيضاً بالثياب الموشاة. وقيل إذا جُعل الصوف شقة وله هُدب فهو بردة.
جاء في الأثر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس بُرداً ذوات ألوان مختلفة. فعن جابر بن عبد الله أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة".
وعن أبي رِمْثَة أنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران".
وروى ابن ماجة عن أنس بن مالك أنه قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية".
وعن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُجي ببرد حِبَرة حين وفاته". وعنها، أيضاً "أن الرسول صلى الله عليه وسلم لبس بردة سوداء، فقالت لـه: ما أحسنها عليك يا رسول الله، يشرب بياضُك سوادَها ويشرب سوادُها بياضَك، فبدت منها ريح الصوف فألقاها، وكان يحب الريح الطيبة".
تداول المسلمون بردتين اشتهرتا بنسبتهما إليه صلى الله عليه وسلم، وهما:
بردة كعب بن زهير: كعب بن زهير بن أبي سلمى(ت 26هـ/646م) من الشعراء المخضرمين. أسلم أخوه بُجَيْر، فلامه كعب، وعادى الإسلام، فأهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه. وبعد أن قويت شوكة الإسلام، خاف على نفسه، فلجأ إلى أخيه الذي أقنعه بالذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معتذراً، فجاءه وألقى بين يديه صلى الله عليه وسلم قصيدته المشهورة (بانت سعاد) يمدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم ويعتذر عما بدر منه. وعندما وصل فيها إلى قوله:
إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول،
خلع الرسول صلى الله عليه وسلم بردته التي كان يلتحف بها، وألقاها على كتفي كعب؛ فاشتهرت القصيدة باسم (قصيدة البردة).
احتفظ كعب بهذه البردة النبوية الشريفة، وكانت عزيزة عليه. ومع أن بعض النصوص التاريخية ذكرت أن معاوية بن أبي سفيان اشتراها من كعب، إلا أنه من الراجح أن كعباً رفض بيعها، وظلت معه إلى حين وفاته، فاشتراها معاوية من أبنائه بعشرة آلاف درهم، وقيل بعشرين ألف.
تباينت الروايات في تحديد مصير هذه البردة النبوية الشريفة من بعد معاوية. فبينما يذكر القرماني أنه قيل إن معاوية كفن بها عند وفاته، جاء عند ابن كثير وغيره من المؤرخين أن معاوية كفن بقميص أهداه إياه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن البردة ظلت عند بني أمية يتوارثها خلفاؤهم الواحد تلو الآخر إلى أن صارت إلى العباسيين بعد انقراض الدولة الأموية سنة 132هـ/749م.
اتخذ العباسيون البردة النبوية الشريفة شعاراً لخلافتهم. وبلغ من عنايتهم بهذا الأثر الشريف أنهم كانوا كلما قام منهم خليفة اهتم بها اهتمامه بالبيعة، فإذا كان غائباً، بعثوا بها إليه مع بشير الخلافة الذي يبردونه. وظل الشعراء يذكرونها في مدائح الخلفاء العباسيين إلى أن استولى هولاكو على بغداد سنة 656هـ/1258م، فأحرقها والقضيب المنسوب إليه صلى الله عليه وسلم، وذر رمادهما في نهر دجلة.
المصادر لا تقدم تفاصيل دقيقة عن أوقات ارتداء الخلفاء للبردة، فمنهم من قال: إنهم كانوا يرتدونها في الأعياد، ومنهم من قال: في المواكب بشكل عام.
يصف ابن كثير ارتداء الخلفاء للبردة في الأعياد، فيقول:"كان الخليفة يلبسها يوم العيد على كتفيه....، فيخرج وعليه من السكينة والوقار ما يصدع به القلوب ويبهر الأبصار".
وصفت هذه البردة، في المصادر، على أنها شملة مخططة، وقيل كساء أسود مربع فيه صغر، ولها حاشيتان من صنع حضرموت، طولها أربعة أذرع، وعرضها ذراعان وشبر، وهي عند الخلفاء قد خَلِقت، وطويت بثوب يلبسونه في الأعياد.
هذه البردة النبوية الشريفة شهدت أحداثاً تاريخية في تداول الخلفاء العباسيين لها. فقد جاء في (صبح الأعشى) للقلقشندي أن السلطان سنجر السلوقي انتزع البردة والقضيب من المسترشد بالله، ثم أعادهما إلى المقتفي عند ولايته سنة 535هـ/1140م. وجاء في (تاريخ الخلفاء) للسيوطي ما نصه: "وكانت البردة على المقتدر حين قتل وتلوثت بالدم، وأظن أنها فقدت في فتنة التتار، فإنا لله وإنا إليه راجعون". وعندما بويع الخليفة الظاهر، كان يرتدي ثياباً بيضاء، والبردة النبوية على كتفه.
بردة أيْلَة: أيلة مدينة صغيرة على رأس خليـج العقبة في البحر الأحمر. ورد عند البخاري أن ملك أيلة أهدى الرسول صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء، فكساه الرسول صلى الله عليه وسلم بردة، وكتب له أماناً.
تعددت النصوص التاريخية واختلفت في مصير هذه البردة النبوية الشريفة. فقد جاء عند كل من ابن كثير، والسيوطي أنها هي التي كانت عند الخلفاء العباسيين، وأن أبا العباس السفاح، أول خلفاء بني العباس، اشتراها من أهل أيلة بثلاثمائة دينار.
وورد عند القلقشندي روايتان في كيفية وصولها إلى الخلفاء العباسيين: إحداهما تتفق مع ما جاء عند ابن كثير، والسيوطي، والأخرى تقول إن عامل أيلة الأموي، عبدالله بن خالد بن أبي أوفى، أخذها من أهل أيلة، وبعث بها إلى مروان بن محمد، آخر خلفاء بني أمية، وظلت معه إلى أن أخذها العباسيون بعد مقتله.
الراجح أن هذه البردة لم تصل للعباسيين، وإنما بقيت عند أهل أيلة، لأن الروايات التاريخية تكاد تجمع على أن ما كان بحوزة العباسيين هي بردة كعب بن زهير. يضاف إلى ذلك وجود نصوص تاريخية تشير إلى بقائها عند أهل أيلة إلى القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي. فقد جاء عند كل من الحميري، والمقريزي، والجزيري أن أهل أيلة كانوا يزعمون أن عندهم بُرْد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه بعثه إليهم أماناً، وكانوا يخرجونه برداً عدنياً ملفوفاً في الثياب، قد أبرز منه قدر شبر فقط.
أما القرماني فيظن: "أنها هي البردة التي وصلت لسلاطين بني عثمان، فهي اليوم عندهم يتباركون بها، ويسقون ماءها لمن به ألم، فيبرأ بإذن الله تعالى. واتخذ لها المرحوم السلطان مراد خان، تغمده الله بالرحمة والغفران، صندوقاً من ذهب، فوضعها فيه".
المؤرخون الأتراك يرون غير ما يظنه القرماني. فهم يرون أن البردة التي حملها السلطان سليم من مصر إلى إستانبول ضمن الآثار المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم، هي البردة التي كان قد خلعها الرسول صلى الله عليه وسلم على كعب بن زهير.
إن ما يظنه القرماني قد يكون أقرب إلى الصواب مما يراه مؤرخو الأتراك. فقد أجمعت الكثير من كتب التاريخ العربية أن بردة كعب بن زهير بقيت في حوزة العباسيين إلى أن احترقت في كائنة المغول. كما أن هذه الكتب لم تذكر أنه كان بحوزة الخلفاء العباسيين في مصر قبل دخولها في طاعة السلطان سليم بردة تنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. بالإضافة إلى ذلك، فإن انقطاع النصوص التاريخية عن بردة أيلة عند أهل أيلة بعد الربع الأول من القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي، وتزامن هذا التاريخ مع تاريخ استيلاء بني عثمان على مصر، قد يدعو إلى الظن أنه إما أن يكون السلطان سليم طلبها من أهل أيلة، أو أن أهل أيلة أنفسهم قدموها له تقرباً منه، وطمعاً في الحظوة لديه.
مهما يكن من أمر، فقد أودع السلطان سليم هذه البردة مع الآثار الأخرى المنسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة خاصة في قصر طوب قابي باستانبول، وسن مراسيم خ لزيارتها.
تصف (الموسوعة التركية) هذه المراسيم بأنها كانت تقام في منتصف شهر رمضان من كل عام، حيث يجتمع في اليوم المذكور، قبل صلاة الظهر، الوزراء والعلماء وقواد الجيش والإنكشارية أمام أحد أبواب السراي (قصر السلطان) ويعرف بـ (باب السعادة) منتظرين الصدر الأعظم وشيخ الإسلام برفقته رئيس الكتاب وموظفي الباب العالي. وبعد أن يؤدوا صلاة الظهر جماعة يدخلون السراي، ويؤذن لهم فيدخلون حجرة خصصت للبردة، ويجلسون فيها أمام السلطان بترتيب معين، ثم يأخذ كل منهم في تلاوة عشر من القرآن الكريم، وبعد ذلك يفتح السلطان صندوقاً معداً لحفظ هذه الخرقة، ويأذن للحضور أن يمسوها بجباههم، فيبدأ الصدر الأعظم، فشيخ الإسلام وبقية الأعيان، وبعد أن يفرغوا من ذلك، يقف مشايخ الطرق الصوفية أمام الصندوق، ويتوجهون بالدعاء، ويفعلون كما فعل الأولون، ثم يغادر الجميع المكان.
ظلت مراسيم زيارة البردة المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم قائمة إلى إلغاء السلطنة، فألغيت معها زيارة البردة. كما منعت زيارة الغرفة الخاصة التي تضم الآثار المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد تحويل قصر طوب قابي إلى متحف في عهد الجمهورية، وبقيت ممنوعة إلى سنة 1382 هـ/1962م. ثم فتحت للزيارة، بعد هذا التاريخ، لأغراض سياحية تخلو من العمق الروحاني.
أما عن صفة هذه البردة، فهي تقع في 124 سم، لها ذراعان واسعان، وهي مصنوعة من قماش الصوف الأسود، ولها بطانة من الصوف باللون (الكريمي)، وقد اختلقت مع مرور الزمن، واهترأ منها الجانب الأيمن الأمامي.
بالإضافة إلى هاتين البردتين، فقد جاء في (الموسوعة التركية) أن هناك بردة ثالثة تنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يطلق عليها (الخرقة الشريفة)، محفوظة في مسجد (الخرقة الشريفة) باستانبول. وهي البردة التي أهداها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، لأويس القَرَني عند زيارتهما قرية (قَرَن) باليمن، وذلك بناء على وصية النبي صلى الله عليه وسلم.
تضيف (الموسوعة التركية) أن هذه البردة انتقلت من أويس القرني، الذي استشهد في معركة صفين مقاتلاً في صف الإمام علي رضي الله عنه، إلى أخيه شهاب الدين الأويسي، وظلت في حوزة الأسرة الأويسية، وانتقلت معها إلى جنوب شرق الأناضول، ثم إلى قوش آداسي (مدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط)، حيث عاشت هذه الأسرة تمارس الزراعة. ولما كانت البردة بحوزتها، فقد صارت لها مكانة دينية في المنطقة.
الراجح أن هذه البردة لم تصل للعباسيين، وإنما بقيت عند أهل أيلة، لأن الروايات التاريخية تكاد تجمع على أن ما كان بحوزة العباسيين هي بردة كعب بن زهير. يضاف إلى ذلك وجود نصوص تاريخية تشير إلى بقائها عند أهل أيلة إلى القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي. فقد جاء عند كل من الحميري، والمقريزي، والجزيري أن أهل أيلة كانوا يزعمون أن عندهم بُرْد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه بعثه إليهم أماناً، وكانوا يخرجونه برداً عدنياً ملفوفاً في الثياب، قد أبرز منه قدر شبر فقط.
أما القرماني فيظن: "أنها هي البردة التي وصلت لسلاطين بني عثمان، فهي اليوم عندهم يتباركون بها، ويسقون ماءها لمن به ألم، فيبرأ بإذن الله تعالى. واتخذ لها المرحوم السلطان مراد خان، تغمده الله بالرحمة والغفران، صندوقاً من ذهب، فوضعها فيه".
المؤرخون الأتراك يرون غير ما يظنه القرماني. فهم يرون أن البردة التي حملها السلطان سليم من مصر إلى إستانبول ضمن الآثار المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم، هي البردة التي كان قد خلعها الرسول صلى الله عليه وسلم على كعب بن زهير.
إن ما يظنه القرماني قد يكون أقرب إلى الصواب مما يراه مؤرخو الأتراك. فقد أجمعت الكثير من كتب التاريخ العربية أن بردة كعب بن زهير بقيت في حوزة العباسيين إلى أن احترقت في كائنة المغول. كما أن هذه الكتب لم تذكر أنه كان بحوزة الخلفاء العباسيين في مصر قبل دخولها في طاعة السلطان سليم بردة تنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. بالإضافة إلى ذلك، فإن انقطاع النصوص التاريخية عن بردة أيلة عند أهل أيلة بعد الربع الأول من القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي، وتزامن هذا التاريخ مع تاريخ استيلاء بني عثمان على مصر، قد يدعو إلى الظن أنه إما أن يكون السلطان سليم طلبها من أهل أيلة، أو أن أهل أيلة أنفسهم قدموها له تقرباً منه، وطمعاً في الحظوة لديه.
مهما يكن من أمر، فقد أودع السلطان سليم هذه البردة مع الآثار الأخرى المنسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة خاصة في قصر طوب قابي باستانبول، وسن مراسيم خ لزيارتها.
تصف (الموسوعة التركية) هذه المراسيم بأنها كانت تقام في منتصف شهر رمضان من كل عام، حيث يجتمع في اليوم المذكور، قبل صلاة الظهر، الوزراء والعلماء وقواد الجيش والإنكشارية أمام أحد أبواب السراي (قصر السلطان) ويعرف بـ (باب السعادة) منتظرين الصدر الأعظم وشيخ الإسلام برفقته رئيس الكتاب وموظفي الباب العالي. وبعد أن يؤدوا صلاة الظهر جماعة يدخلون السراي، ويؤذن لهم فيدخلون حجرة خصصت للبردة، ويجلسون فيها أمام السلطان بترتيب معين، ثم يأخذ كل منهم في تلاوة عشر من القرآن الكريم، وبعد ذلك يفتح السلطان صندوقاً معداً لحفظ هذه الخرقة، ويأذن للحضور أن يمسوها بجباههم، فيبدأ الصدر الأعظم، فشيخ الإسلام وبقية الأعيان، وبعد أن يفرغوا من ذلك، يقف مشايخ الطرق الصوفية أمام الصندوق، ويتوجهون بالدعاء، ويفعلون كما فعل الأولون، ثم يغادر الجميع المكان.
ظلت مراسيم زيارة البردة المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم قائمة إلى إلغاء السلطنة، فألغيت معها زيارة البردة. كما منعت زيارة الغرفة الخاصة التي تضم الآثار المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد تحويل قصر طوب قابي إلى متحف في عهد الجمهورية، وبقيت ممنوعة إلى سنة 1382 هـ/1962م. ثم فتحت للزيارة، بعد هذا التاريخ، لأغراض سياحية تخلو من العمق الروحاني.
أما عن صفة هذه البردة، فهي تقع في 124 سم، لها ذراعان واسعان، وهي مصنوعة من قماش الصوف الأسود، ولها بطانة من الصوف باللون (الكريمي)، وقد اختلقت مع مرور الزمن، واهترأ منها الجانب الأيمن الأمامي.
بالإضافة إلى هاتين البردتين، فقد جاء في (الموسوعة التركية) أن هناك بردة ثالثة تنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يطلق عليها (الخرقة الشريفة)، محفوظة في مسجد (الخرقة الشريفة) باستانبول. وهي البردة التي أهداها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، لأويس القَرَني عند زيارتهما قرية (قَرَن) باليمن، وذلك بناء على وصية النبي صلى الله عليه وسلم.
تضيف (الموسوعة التركية) أن هذه البردة انتقلت من أويس القرني، الذي استشهد في معركة صفين مقاتلاً في صف الإمام علي رضي الله عنه، إلى أخيه شهاب الدين الأويسي، وظلت في حوزة الأسرة الأويسية، وانتقلت معها إلى جنوب شرق الأناضول، ثم إلى قوش آداسي (مدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط)، حيث عاشت هذه الأسرة تمارس الزراعة. ولما كانت البردة بحوزتها، فقد صارت لها مكانة دينية في المنطقة.
وفيما بعد، وبناءً على رغبة السلطان أحمد الأول، قدمت الأسرة إلى استانبول، فاستأجر رئيس الأسرة شكر الله الأويسي منزلاً، ووضع البردة فيه، وسمح للناس بزيارتها. ولما تعددت وتكررت زيارة الناس لها، بنى لها السلطان عبد الحميد غرفة سماها غرفة (الخرقة الشريفة)، وحفظها فيها، ثم بنى، من بعده، السلطان عبدالمجيد مسجداً سنة 2268هـ/1851م سماه مسجد (الخرقة الشريفة)، وحفظ البردة فيه، وسن لزيارتها مراسيم خاصة. وما زالت هذه البردة باقية في مسجد الخرقة الشريفة باستانبول إلى الزمن الحاضر.
إن ما جاءت به (الموسوعة التركية) بخصوص هذه البردة يتعارض مع ما أوردته المصادر والمراجع العربية. فقد نقل ابن سعد عن أُسير بن جابر أنه قال:" كان محدث بالكوفة يحدثنا، فإذا فرغ من حديثه تفرقوا، ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحداً يتكلم بكلامه، فأحببته ففقدته، فقلت لأصحابي: هل تعرفون رجلاً كان يجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم، أنا اعرفه، ذاك أويس القرني. قلت: فتعلم منزلـه؟ قال: نعم، فانطلقت معه حتى ضربت حجرته، فخرج إلي، فقلت: يا أخي ما حبسك عنا؟ قال: العُرْي، فقلت له خذ هذا البرد فالبسه... فلم أزل به حتى لبسه".
وذكر ابن فهد أنه لما حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس سنة 23هـ/643م،صعد إلى أبي قبيس، فنادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس بن مُراد؟ فقام شيخ كبير من قَرَن، فقال: يا أمير المؤمنين، هو معنا في الحرم، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلاً لنا. فذهب عمر وعلي رضي الله عنهما، والتقيا به، وقالا له: يا أويس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا – يرحمك الله – فقد خُبَّرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يوم القيامة في عدد ربيعة ومضر. ثم عرض عليه عمر رضي الله عنه أن يأتيه بنفقة من عطائه، وفضل كسوة ثيابه، غير أنه أبى، ومضى عنهما يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي ينظران إليه حتى غاب عن ناظريهما.
وفي ترجمته لأويس القرني، يقول الزركلي: "أويس بن عامر ابن جَزء ابن مالك القرني، من بني قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مراد: أحد النساك العباد المقدمين، من سادات التابعين. أصله من اليمن، يسكن القفار والرمال، وأدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، فوفد على عمر بن الخطاب ثم سكن الكوفة. وشهد وقعة صفين مع عليّ، ويرجح الكثيرون أنه قتل فيها".
يتضح مما سبق أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما لم يعطيا أويس القرني، عند التقائهما به، بردة من بروده صلى الله عليه وسلم، وأن ما جاء في (الموسوعة التركية) بحاجة إلى سند أو أصل يوثق به
إن ما جاءت به (الموسوعة التركية) بخصوص هذه البردة يتعارض مع ما أوردته المصادر والمراجع العربية. فقد نقل ابن سعد عن أُسير بن جابر أنه قال:" كان محدث بالكوفة يحدثنا، فإذا فرغ من حديثه تفرقوا، ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحداً يتكلم بكلامه، فأحببته ففقدته، فقلت لأصحابي: هل تعرفون رجلاً كان يجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم، أنا اعرفه، ذاك أويس القرني. قلت: فتعلم منزلـه؟ قال: نعم، فانطلقت معه حتى ضربت حجرته، فخرج إلي، فقلت: يا أخي ما حبسك عنا؟ قال: العُرْي، فقلت له خذ هذا البرد فالبسه... فلم أزل به حتى لبسه".
وذكر ابن فهد أنه لما حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس سنة 23هـ/643م،صعد إلى أبي قبيس، فنادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس بن مُراد؟ فقام شيخ كبير من قَرَن، فقال: يا أمير المؤمنين، هو معنا في الحرم، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلاً لنا. فذهب عمر وعلي رضي الله عنهما، والتقيا به، وقالا له: يا أويس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا – يرحمك الله – فقد خُبَّرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يوم القيامة في عدد ربيعة ومضر. ثم عرض عليه عمر رضي الله عنه أن يأتيه بنفقة من عطائه، وفضل كسوة ثيابه، غير أنه أبى، ومضى عنهما يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي ينظران إليه حتى غاب عن ناظريهما.
وفي ترجمته لأويس القرني، يقول الزركلي: "أويس بن عامر ابن جَزء ابن مالك القرني، من بني قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مراد: أحد النساك العباد المقدمين، من سادات التابعين. أصله من اليمن، يسكن القفار والرمال، وأدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، فوفد على عمر بن الخطاب ثم سكن الكوفة. وشهد وقعة صفين مع عليّ، ويرجح الكثيرون أنه قتل فيها".
يتضح مما سبق أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما لم يعطيا أويس القرني، عند التقائهما به، بردة من بروده صلى الله عليه وسلم، وأن ما جاء في (الموسوعة التركية) بحاجة إلى سند أو أصل يوثق به
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق